الخميس، 11 فبراير 2010

الرؤية من خلال الصوت‏


في حين يستخدم البشر "الضوء" لمشاهدة ما حولهم تستعمل حيوانات كثيرة "الصوت" لنفس الغرض .. فالخفافيش والدلافين والصراصير تصدر طقطقات متتالية تستقبلها كأصداء معكوسة (فتخلق منها صورا مجسمة كالتي نراها على شاشات التصوير الصوتي في المستشفيات)!!.

فالوطواط مثلا يمكنه الطيران في الظلام الدامس (بين اشجار الغابة أو صخور الوادي) بإطلاق "طقطقات" صوتية تعود اليه بعد انعكاسها مباشرة. ومن خلال طبيعة الصدى والزمن الذي عاد فيه يمكنه تقدير البعد الحقيقي لهذه الشجرة أو تلك الصخرة فيتفاداها في آخر لحظة .. أما الدولفين فيمكنه إصدار طقطقات صوتية تسير أميالا عبر المحيط حتى ترتطم بفريسة مناسبة - أو تحمل رسالة معينة لفرد من المجموعة..

هذه الموهبة (التي تستعملها أيضا بعض الحشرات) يصعب علينا نحن البشر استيعابها كونها لا تدخل ضمن حواسنا المعتادة .. غير أن "الفكرة" يمكن تقريبها بالتذكير بقدرتنا على معرفة (الاتجاه الذي يأتي منه الصوت) و(المسافة التي قطعها) و(تمييز رجع الصدى) بين الغرفة المفروشة والخالية ...

ورغم أن البشر لا يملكون أعضاء خاصة تتيح لهم الرؤية من خلال الصوت؛ إلا أن هناك حالة فريدة لمراهق أمريكي أعمى طور في نفسه هذه المهارة وأصبح قادرا على تمييز ما حوله بهذه الطريقة .. هذا الفتى يدعى (بن) اكتشف في نفسه هذه الموهبة في سن السابعة حين كان يتنافس مع أقرانه على إصدار أصوات غريبة من أفواههم . وحين أتى دوره بدأ يصدر "طقطقات" سريعة من طرف لسانه فلاحظ قدرته على التقاط صداها (أو انعكاسها) من الأجسام المحيطة .. ثم لاحظ أن طبيعة الأصداء المرتدة إليه تختلف باختلاف الأجسام وبعدها والاتجاه الذي توجد فيه . وبالتدريج طور مهارته في هذا الجانب وبدأ يلاحظ الفروقات البسيطة بين رجع الصدى حتى أصبح قادرا على "رؤية" ما حوله بهذه الطريقة..

وفي 18ديسمبر الماضي ظهر بن في برنامج (أوبرا وينفري) لإثبات مهارته أمام الجمهور؛ فأثناء سيره في الشارع مثلا استطاع تمييز "شاحنة" و"سياج خشبي" و"أشجار الرصيف" - كما تعرف على ممرات ومحتويات "سوبر ماركت" كبير . وحين دخل الى منزل غريب لأول مرة تعرف على المطبخ وأنواع الأثاث ومكان الثلاجة ومحتوياتها من الداخل (بمجرد توجيه طقطقاته الغريبة عليها) .. وهو - حسب تفسيره يرى في رأسه صورا مجسمة للأجسام الموجودة حوله تشعره بأنه مبصر فعلا (وهي الفكرة التي يصعب علينا استيعابها بغير التذكير بصورة الجنين التي يتم التقاطها بواسطة الموجات الصوتية)!!.

.. ومهما يكن الأمر أقترح شخصيا محاولة استكشاف هذه الموهبة لدى (كافة المكفوفين) وتدريبهم عليها .. وكلي ثقة بأن الإخلاص في هذا المسعى سيثمر عن مواهب كثيرة توفر لنفسها إمكانية الرؤية من خلال الصوت والاستغناء عن أي تقنيات بديلة معقدة..

أما بالنسبة ل(سيادتكم) فهناك تمرين بسيط قد يشكل البداية الفعلية لرؤية ماحولك بهذه الطريقة:

.. ببساطة؛ اغمض عينيك لخمس دقائق ثم توقف في مكان مزدحم وحاول تمييز الأصوات من حولك .. كم تبتعد عنك، ومن أين تأتي، ومن المسؤول عن إصدارها!!؟؟

.. افعل ذلك - كلما توقفت عند الإشارة - وستدهش للنتيجة!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

مواقع صديقه